هوية صنعها السوق: أسواق الموصل التي دمرتها الحرب وقيمتها الاقتصادية والحضارية


هوية صنعها السوق: أسواق الموصل وقيمتها الاقتصادية والحضارية

انجزت الدولة الاسلامية (تعرف ايضا داعش) وحكومة بغداد والتحالف الدولي تدميرا ممنهجا لمدينة الموصل وقلبها ومركز اقتصادها الذي تمتع لعهود طويلة بقيمة حضارية عابرة للحدود، لاتزال المدينة تعاني من حالة اندثار مقابل طرح حكومة محلية مشوهة لبدائل خطيرة جدا تسعى لاستئصال الهوية الموصلية من جذورها عبر محو كل اثار المدينة القديمة واعادة بناءها على طراز حديث، هذه الخطوة تستهدف بشكل مباشر الهوية الموصلية التي بدأت مراحل تدميرها منذ عهود نظام البعث واستمرت الى هذا اليوم.

في كتابها الموصل قبل العراق: خلية نحل خماسية الاضلاع: تتحدث سارة شيلدز عن الحركة الاقتصادية والاجتماعية لمدينة الموصل، عن الحركة الاقتصادية للموصل المرتبطة بشكل وثيق بالطراز المعماري للمدينة تشرح أهميتها التجارية والثقافية، فمدينة الموصل التي تشبه حلب بطريقة ما والتي كانت مرتبطة بها منذ قرون طويلة واستمرت هذه العلاقة الى وقت طويل، وستعود قريبا جدا فالموصل وحلب تعتبران من اغنى مدن الشرق لما فيها من عدد كبير من التجار وملاك الأراضي والمدارس الدينية والمساجد، ونظرة سريعة على خارطة المدينتين ستظهر التشابه الكبير بينهما، والموصل كانت منذ عهود طويلة وحتى العهد العثماني ويومنا هذا تتمتع بهوية مستقلة عن كل ما يحيطها وحتى تميزها بهويتها عن بغداد نفسها، ولم تشعر المدينة استنادا لكثير من المرويات والنصوص التاريخية التي انتجت في المدينة بارتباطها ببغداد او المدن التي حولها

.

نشأت أسواق الموصل وتنوعت حسب المهن، وكانت تجمعات الأسواق تتخذ شكلا حيويا وقد تجمع كل أصحاب المهن في مكان واحد في كل سوق واتخذت الأسواق أسماء المهنة التي اشتهرت بها، كما نشأت هذه الأسواق حول المسجد الجامع (النوري الكبير والحدباء) والتي أسست بشكل ما في ضمير الموصليين هويتهم التاريخية والاجتماعية، وكانت تتجمع الأسواق والمهن أيضا حول الوقفيات التابعة للعوائل او المساجد والمدارس.

ولدت هذه الأسواق هوية موصلية بالغة التعقيد في تركيبها، فحول الأسواق تجمعت مراكز الحكومات المتعاقبة للمدينة، وهي أيضا مركز تجمع العوائل القديمة في الموصل، وتمثل مركزا للتنوع الثقافي والديني فكل كنائس المسيحيين بتعدد طوائفهم تتجمع فيها وكذلك المراكز الدينية الإسلامية وكل هذه المراكز الدينية لها مصالح اقتصادية تابعة لها، وفي أسواق المدينة القديمة نجد التنوع الاجتماعي للموصل أيضا، فهناك أسواق مختصة بالطبقات المتوسطة والطبقات الأعلى، وطبقات التجار وطبقات العمال، ويشكل هذا التنوع تركيب اجتماعي يشرح بوضوح طريقة ارتباط الموصليين بما يحيطهم من مهن و تجارة و مواقع اثارية وعلى وجه الخصوص الجامع النوري الكبير الذي يعتبر القلب في هذه البقعة الجغرافية، وتنتشر فيها اقدم العوائل الموصلية المسيحية.

ما يضيف الأهمية لهذه المباني والأسواق هو وقوع معظم الدوائر الحكومية والخدمية في هذه المنطقة وتقع دائرة الاتصالات والبريد بجوار جامع النبي شيت وتشكل نقطة ومركز حيوي، إضافة الى وجود البنك المركزي للموصل في المنطقة مما يضيف حيوية أكبر لها.

خارطة أسواق الموصل القديمة

Mosul markets

القيمة الاقتصادية للعقارات في هذه الأسواق كبيرة جدا، يقدر سعر المتر الواحد ما بين 40 الف الى 80 الف دولار كما ذكر المحامي الموصلي علي الديوه جي (حفيد المؤرخ الموصلي سعيد الديوه جي)، ويذكر عبد الله حمودات (موصلي مختص بالقانون الدولي واحد الملاكين للعقارات في المدينة القديمة) ان خان حمو القدو تبلغ مساحته 3000 متر مربع يحتوي على 101 مخزن ودكان، يتراوح سعر الدكان الواحد (بين 2-3 متر) بـ 170 الف دولار، وان البنايات (العمارات) في السرجخانة (سوق تجاري) تصل الى 4-5 مليون دولار فضلا عن ان الإيجارات فيها مرتفعة جدا ولا يسهل الحصول على دكان صغير هناك فالعقارات هي جزء من استمرارية هوية العوائل الموصل، ووجود دكان لأي عائلة في هذا الجزء من المدينة يعتبر ارتباط بالهوية الاصلية للموصل.

لا تتعلق هذه الأسواق فقط بالتجارة الداخلية او السوق الداخلي للموصل، بل ان أسواق الموصل هي مقصد المدن العراقية والاقضية التي تحيط فيها، وهي أيضا سوق للبضائع الزراعية المنتجة في أطراف الموصل، اذ ان الملاكين للأراضي الزراعية في الأطراف والنواحي هم من الموصل وبهذا استطاعوا ادامة الحركة التجارية في الموصل، فهم ليسوا بائعين ومستوردين فقط بل منتجين أيضا ينتجون بضائعهم بنفسهم.

وهذه الأسواق أيضا قلب التجارة الخارجية للموصل وقلب ارتباطها بالتجارة مع تركيا وحلب والصين ودول أخرى اذ يتمركز كبار تجار المدينة في هذه الأسواق، ويندر ان يذهب تاجر في احياء أخرى من الموصل الى دولة او مدينة أخرى للحصول على ما يحتاجه، بل انهم يتجهون الى المدينة القديمة حيث جامع النوري الكبير ومنارته الحدباء، وبهذا تحولت المدينة القديمة (دائما كانت) مركز تجاري وشريان حيوي للموصل وتشكل نسبة 80% من اقتصادها وثقافتها وهويتها.

خلقت الأسواق التي نشأت حولها الثقافة الموصلية وازدهرت هوية ممتزجة بعناصر حضارية كثيرة: العمارة، الكنائس، أسماء المهن، أسماء الاحياء السكنية في الموصل القديمة، أسماء العوائل، وأخيرا نمط المؤلفات والنتاج الفكري للمدينة، هنا إحصاء للأسواق التي دمرتها الحرب في الموصل وبالنتيجة تدمير مزدوج لاقتصاد وثقافة المدينة وتاريخها.

وهذا ما يفسر أيضا اهتمام “الدولة الإسلامية” تعرف أيضا بداعش بأسواق الموصل واصرارها على إعادة فتحها فقد كانت داعش تحول تحقيق هدفين : الحصول على دعم الموصليين من خلال خلق مجال لعودة الأسواق ودفع الموصليين للعمل باستمرار للوصول الى نتيجة أخرى كانت تريدها داعش وهي الهدف الثاني: استمرار تدفق الأموال لبيت مال داعش، وهو الامر الذي توقف بعد منتصف عام 2015 اذ عمل كثير من التجار على إيقاف أعمالهم وقد تمت تصفية البضائع الكثير التي تقدر بملايين الدولارات من قبل داعش وضربت السوق الموصلي بعد توفر مصدر اكبر لداعش وهو النفط، لكنها عادت وحاولت مرة أخرى لإحياء الأسواق حين تعرضت تجارة النفط الى استهداف مباشر من التحالف الدولي وتأثرت به داعش، فكانت الضرائب هي المصدر الأكثر أهمية لداعش، وهذه الضرائب كان مصدرها السوق الموصل المستمر بالإنتاج.

ويمكن تفصيل الأسواق كالاتي:

  • سوق باب الطوب القديم: موقع هذا السوق يبدأ من سوق اللحم القديم القريب من شرطة باب السراي غربا فساحة باب الطوب القديمة فسوق السمكرية حتى شارع الكورنيس شرقا، انتهاءا بشارع الجوبة جنوبا ثم شارع العادلة ومن اهم اسواقه الفرعية:
  • سوق هرج : واحد من اهم أسواق الطبقة الوسطى في الموصل اذ تتوفر فيه البضائع المستعملة والخضراوات وبضائع تجارية متنوعة وحوانيت وابنية موقوفة وسوق للملابس وفيه اكثر من 400 محل بيع و مواد سيارات وتحفيات وسجاد موصلي.
  • سوق الصوافة : الى الغرب من سوق الهرج ويمتد من شارع العدالة وحتى ساحة باب الطوب القديمة وهو اهم سوق في الموصل للتعامل بشراء وبيع الصوف وشعر الماعز وبيوت الشعر ومكملاتها من الخيم وغيرها وبضائع أخرى ويقصده كل العشائر العربية من خارج الموصل ليجدوا فيه ما يحتاجوه.
  • سوق العطارين : واحد من اهم المراكز التجارية في الموصل يمتد من شارع العدالة (بالقرب من باب السراي) وحتى شارع نينوى عبر ساحة باب الطوب القديمة ويضم اكثر من 600 محل تجاري تسيطر محلات العطارية على نسبة 40% منه.
  • سوق السمكرية الكبير (التنكجية) : يمتد هذا السوق بين ساحة باب الطوب غربا وشارع الكورنيش شرقا السوق قصير المسافة الا ان عددا كبيرا من الحرفيين يسيطرون عليه وكان سابقا يطلق عليه سوق (المعاليق) أي سوق بيع احشاء الحيوانات المذبوحة التي كانت تجلب من المسلخة التي كانت تقع الى الجنوب منه.
  • شارع المدبغة القديمة: وهو محصور بين سوق السمكرية جنوبا وسوق الملاحين شمالا، وفي اثنين من اهم الخانات : خان الجلود يقع الى الجنوب من شارع المدبغة وهو وقف ذري يعود تاريخ بناءه الى نهاية القرن التاسع عشر، وخان عبو التتنجي : وهو خان تباع به الملابس المستعملة وهو أيضا مقصد الطبقة المتوسطة.
  • سوق باب الجسر: يقع هذا السوق بين المنطقة المحصورة بين ساحة باب الطوب وسوق الملاحين ثم سوق الكوازين فسوق الحدادين وسوق المعاش وسوق العطارين فساحة باب الطوب القديمة وفيه أسواق فرعية :
  • سوق الملاحين : يطلع على هذا السوق أسماء أخرى مثل سوق باب الجسر وشارع خان المقصوص وظيفة السوق هي بيع الملح وعدد حلاته اكثر من 90 محل صغير ويشرف على عدد من الازقة الفرعية السوقية المجاورة مثل سوق الحبالين (بيع الحبال) وسوق العتميه (الظلمة) وسوق اليوزبكية وسوق الكوازين (الشربات الفخارية) وفيه أيضا خان الحجيات وهو خان مختص بالجلود، وخان المقصوص وهو احد الخانات المختصة بالعطارية، وسوق اسباهي بزار المختص ببيع الاقمشة الرجالية.
  • سوق الصرافين: يقع سوق الصرافين الى الجنوب من قيصرية السبع أبواب ويمتد بين سوق العطارين وسوق الملاحين وهو المركز الموصلي المختص بالاموال وتبديل العملة والحوالات المالية ويشكل روح الحركة المالية في الموصل، وفيه اكثر من 60 محل صيرفة، وهناك داخله اواق فرعية مثل سوق الشكرجية (بيع وتصنيع الحلويات) وسوق بيع الصابون والتبوغ والعطاريات والاقمشة والكماليات والملابس الشعبية.
  • سوق العتميه(الظلمة): يسمى هكذا لانه معتم أي مظلم، وسبب التسمية جاءت من السقف الذي يرتفع فوقه ويمنع تسرب اشعة الشمس من الدخول اليه، يمتد بين سوق العطارين غربا وبين قيصيرية (عمارة) الازبكية القريبة من جامع الاغوات شرقات، فيه اكثر من 400 محل تجاري منها 80 محل في السوق نفسه مخصصة لبيع الاقمشية النسائية والرجالية (بالجملة).
  • قيصرية السبع أبواب: تعد هذه القيصيرية من اشهر قيصريات الموصل واكبرها ويعتقد ان ابن جبير(540-614 هـ) عندما زار الموصل ووصف أسواقها خص هذه القيصيرة بالقول : وفي سوقه قيصارية للتجار كأنها الخان العظيم، تتعلق عليها أبواب حديد وتطيف بها دكاكين وبيوت بعضها على بعض قد جلى، ذلك كله في اعظم صورة من البناء المزخرف الذي لا مثيل له فيما أرى في البلاد قيسارية تعادله”. تتالف من عدة أروقة وازقة داخلية وهي اكبر الأسواق:
  • قيصيرية علي افندي: مجاوربة لقيصيرية السبعة أبواب من الجهة الشرقية، وفيها زقاقين وعدة دكاكين، مخصصة للاحذية البلاستيكية والجلدية والملابس.
  • قيصيرية اليوزبكية: تقع في النهاية الشرقية المقابلة لسوق العتميه وبين مدخل خان الكمرك، تتالف من طابقين، الطابق الأرضي يتالف من 20 محلا يتاجرون بالسلع الصغيرة كالابر والدبابيس والخيوط والازره ومواد التجميل والعطور، وطابقها الثاني مخازن لهم.
  • خان الكمرك: تحيط به عدة أسواق هي سوق العتميه والكوازين والحدادين ويعد من اكبر الخانات في هذه المنطقة التجارية، بني قبل 3 قرون، ويضم مخازن للسلع.
  • خان السواد: يقع هذا الخان في الجهة الشمالية لسوق العتميه ويعود تاريخ بناءه الى قرنين مضت، وسمي بخان السواد لانه مختص بالاقمشة السوداء التي تصنع منها عباءات النساء السوداء وكذلك يبيع البوشيات (الخمارات).
  • خان القلاوين: يقع في شارع العتميه وعلى جهة خان السواد، واخذ اسمه لان في الخان يباع الغليون الذي يستخدم في التدخين، مبني على طراز شرقي فريد.
  • سوق الكوازين: يقع هذا السوق ويضم أكثر 80 محلا تجاريا خلف جامع الاغوات القريب من الجسر الحديدي (القديم) وهو سوق متخصص ببيع السلع الفخارية كالجرار والكوز وتنور الطين.
  • سوق الحدادين: الى الشمال من سوق الكوازين ويضم حاولي 90 محلا للصناعات الحرفية الحديدية.
  • سوق المعاش القديم: الى الغرب من سوق الحدادين، لبيع الخضراوات والفواكه بشتى أنواعها.
  • سوق الميدان: يقع الى الشمال من سوق المعاش عبر شارع نينوى الحالي واشتهر بكثرة محلاته المتخصصة ببيع المواد التموينية بالجملة وكذلك تجارة الاخشاب.
  • سوق باب السراي الكبير: تعود تسميته الى باب السور القديم الذي كان يقع بالقرب من ساحة صقور الحضر قرب مركز شرطة باب السراي، وهو من الأسواق الكبيرة والمكملة وظيفيا لاسواق المنطقة المركزية، يشتمل على سلع متنوعة وخانات كثيرة حرفية.
  • سوق باب السراي الصغير: هو المدخل لسوق باب السراي ويبدأ من ساحة صقور الحضر وينتهي عند سوق العطارين، عدد المحلات 140 وتتالف من أربع مجموعات متخصصة ببيع الملابس الجاهزة، الكماليات، الزجاجيات، الخزف، منتجات البلاستك والنايلون، بقاليات وحلويات وتبوغ وكرزات واحذية.
  • خان حمو القدو: يقع في الجانب الأيمن من مدخل سوق باب السراي ويعد من اكبر الخانات في المنطقة التجارية للموصل، ولازال الخان يحتفظ بطراز شرقي يعود الى منتصف القرن الثامن عشر، يتالف من طابقين واكثر من 300 محل، اتخذه الاتراك سابقا دائرة للكمرك ثم مخزنا للتبوغ ثم الملح وكانت وظيفته الأساسية استقبال التجار والزوار، واستمر بوظيفته التجارية الى قبل تدميره قبل أسابيع، يعتبر خان حمو القدو الى جانب جودته الاقتصادية معلما سياحيا للموصل فهو اكثر الخانات تنظيما واجودها واجملها ويفسر الكثير من ماضي الموصل العماري العظيم.
  • خان المفتي: يقع الى الشمال من خان حمو القدو ويعد من الخانات الكبيرة أيضا، وهو متخصص في بيع الاسرة الحديدية والفرش الاسفنجية والسجاد ويضم عدد من الخياطين والسراجين.
  • قيصرية القزازين: تقع في نهاية سوق باب السراي، ومتخصصة ببيع الخيوط الصوفية والاشرطة الحريرية وبيع الازرة ومواد التجميل والروائح والعطور.
  • سوق الصفارين: أحد الأسواق المشهورة في الموصل ويعرف أيضا سوق الفافون وهو مختص ببيع كل الاواني المنزلية تخصصه القديم في صناعات الالومنيون لكن حدثت تغييرات ودخلت المواد الزجاجية اليه.
  • سوق السمكرية (التنكجية): يقع في نهاية سوق باب السراي ويجاور جامع الباشا متخصص في انتاج الصفيح (التنك) وصناعة انابيب التهوية الخاصة بالحمامات المنزلية وما يحتاجه المطبخ فيه حرفيون قدماء جدا.
  • سوق الخياطين: سوق صغير فيه كل الخياطين الذين ينتجون الملابس وغيرها وهي معامل صغيرة يعود تاريخها الى قرون مضت.
  • سوق الخفافين: يشتهر بصناعة الأحذية الشعبية كالكالوش(الكلوش) والبابوج والخفاف والاحذية الجلدية والاحزمة.
  • خان حاج قاسم اغا: مختص بخزن وطحن الحبوب ويستقبل الحبوب اثناء موسم الحصاد وهو مركز توافد التجار.
  • سوق القرطاسية: في شارع النجفي مختص ببيع المواد الورقية والقرطاسية وهو مركز المطابع في الموصل والمكتبات من اهم المراكز الثقافية الموصل.
  • سوق الصياغ: مركز أموال الموصل وذهبها.

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s