1.فى البدء يظهر النص فى التاريخ، ثم يتم التصديق فيه من جهة جماعة من المؤمنين لأسباب غير تاريخية، (المعجزة / الأمل / القوة / الدعاية الغوغائية / الاقتناع العقلي) إلى آخر الأسباب التى تنتشر بها الأديان جغرافيًا وتاريخيًا.
2.بعد الإيمان به يتم اعتماد النص كمصدر للرواية من جهة جماعة من الباحثين والعلماء، وهى فاعليته التأريخية فيما مضى من تاريخ الإنسان، هناك فاعلية أخرى فى الاتجاه المعاكس، أى تنبؤ النص بمستقبل قريب أو بعيد، وربما يكون النص نفسه نبوءة من نص أسبق (كالإنجيل والقرآن)، هذه هى المرحلة الأولى التى يظهر فيها المركب.
3.تحدث (ظاهرة المدّ النصى) وهى تأريخ النص للإنسان على مستوى فلسفة التاريخ، أى تلخيص قصة حياة الإنسان عمومًا منذ الخلق أو ما قبله حتى الحساب والجزاء مرورًا بالموت، وهو ما يؤدى إلى غزو النص لماضى الإنسان (فى علم التاريخ) ومستقبله (فى فلسفة التاريخ)، ومن ثم حصار حاضره، والحاضر هو اللحظة المركزية فى بيوغرافيا الإنسان، ومن نتائج هذه المرحلة تحول النص إلى فعل، فكلمة الرب أو الله فى العهد القديم والقرآن لها رمزية تفوق معناها الحرفى (إله) بشكل تلقائى دون جهد تأويلي، فهو مفهوم مركزى ومرجع رئيسى – كما يشير ريكور – يميز هرمنيوطيقا العهد القديم لأنه نقطة تقاطع كل خطاباتنا حول الإله، بينما يمثل (المسيح) الحب والتضحية أو الحب الأقوى من الموت. أى أنه (حدث ومعنى) فى آنٍ.
4.يتقادم المركب فى الزمن عن طريق القصور الذاتى للمقدس (انطلاقه وتعاليه اللا نهائى ما لم يؤثر عليه مؤثر خارجي)، ويُكرَّس من خلال التوريث عن طريق الأب فيربو بالعصبية، ويتحول إلى مركب يافع صلب يستحيل حله.
5.يتكامل المركب تلقائيًا مع الهرمنيوطيقا الدائرية، والمفهوم الدائرى للعقل، ومع (الهرمنيوطيقا العكسية)، وهى حالة خاصة من التأويل تُستعمل لتضليل وتغييب الذات أمام النص لا تحريرها، يقول ريكور أن الإيمان الذى هو فعل قرائى خاص للعهدين يجعل الهرمنيوطيقا حلًا ضروريًا دائمًا لكل ما يعترض طريق الأمل، فالتجربة تكذب الوعد والزمن يكذب النبوءة، لكن الهرمنيوطيقا لا تخذل الإنسان أبدًا، أى أن المؤمن مثلًا قد يُهزم أو يفشل لكن حاجته للأمل هى التى تدفعه لتأويل النص ليؤخر النصر ويبرر النص، إذا فالأمل (ذلك الضعف البشرى الطبيعى) من أهم أسباب الاستقرار فى التدين، وانغلاق العقل أمام النص، وتماهي الذات فيما تقرأ، وفى السياق الإسلامى نجد جهمًا بن صفوان يؤول صيغة الفاعل حين تتعلق بالجماد بحيث تكون مجازًا حقيقته تعلقها بالله، وهى هرمنيوطيقا تؤدى على المدى البعيد إلى تجاهل قوانين الطبيعة، مما يقود المجتمع إلى حالة من التخلف الثقافى والعلمى.