باتريشيا كرونه كانت حاضرة في الموصل
– عمر جاسم
توفيت باتريشيا كرونه عن عمر ناهز السبعين، بعد معاناة قاسية مع مرض السرطان، لكن مؤلفاتها وطروحاتها كانت ولاتزال تشغل بال العرب والمسلمين، حظيت طروحاتها اهتماما بالغا وحذرا من قبل المؤرخين المسلمين والباحثين في الدراسات الاستشراقية.
تراوح النقد الذي تعرضت له مؤلفاتها بين قبول كامل و بين رؤية شكية ناقدة لمحاولة تلقي كرونه بطريقة علمية
ورغم الصعوبة والخطورة البالغة في الحصول على نسخة من كتابها الهاجريون، وعدم توفر نسخ اصلية للكتاب، الا ان هناك من استطاع الحصول على نسخة منه من الانترنيت ونسخها على الورق ومن ثم نشرها، كان كتابها هذا يمثل سببا كافيا للموت في حالة نشره بالعلن. .
وكانت لوحدة الدراسات الاستشراقية التي تأسست في جامعة الموصل رؤية واهتمام واضح بطروحاتها، واقيمت حلقات نقاشية لنقد تطور الاستشراق والحقل الجديد الذي فتحته كرونه في الاستشراق الأمريكي.
كان التلقي هذا يعتبر كرونه قد بالغت كثيرا في تعاطيها مع تاريخ الاسلام المبكر، فمحاولاتها لنسف الأصول الراسخة للتاريخ الاسلامي حظيت برفض واستهجان كبير.
لكن كرونه تظل رغم ذلك مرحلة لا يمكن تجاوزها في مجال الدراسات الاستشراقية، فلم يظهر الى اليوم – على الاغلب- من استطاع قد كرونه بالشكل العلمي الكافي، يعلل البعض هذا بان طروحاتها لا ترقى للعلمية الاكاديمية، ولكن وجهة نظري كمتابع للاستشراق أجد ان كرونه رغم ما قيل عنها، الا انها ضرورة لمراجعة التاريخ الاسلامي وتحفيز القاريء العربي على استيعاب فكرة انسنة التاريخ وسحب القدسية منه.
ربما مستقبلا تنشر المحاضرات التي ورد فيها نقد لكرونه وطروحاتها في وحدة الدراسات الاستشراقية، وستظل شاغلة للفكر والعقل الباحث في أصول ومناهج الاستشراق.
رحم الله كرونه وتغمدها بواسع رحمته، والهم اهلها الصبر والسلوان.
عندي تعليق بسيط أولاً عن نسب المستشرقة باتريشيا كرون على مدرسة الاستشراق الأمريكي ؛ فباتريشيا كرون دنماركية المولد ؛ إلا أنَّ تكونها العلمي والثقافي كان في أحضان المدرسة الإنجليزية في جامعة أكسفورد ومعهد الدراسات الشرقية والإفريقية بلندن ، وظل إنتاجها العلمي والأكاديمي في ظل هذه المدرسة ، ثمَّ تحولت مع من تحول إلى جامعة برنستون الأمريكية 1997م ، لاسيما بعد تنامي تجاه داخل السياسية الأمريكية في التسعينيات بمواجهة الخطر الإسلامي . أمَّا عن أطروحاتها فكرون أرادت صنع تاريخ جديد للإسلام يستند على شهادات وكتابات رجال الدين المعاصرين للإسلام ، واعتبار شهاداتهم بمثابة المصدر الإلهامي الذي لا يخطئ ، في الوقت الذي ضربت بالمصادر العربية عرض الحائط ، بدعوى أنَّها كتبت في وقت متأخر .