فعل القراءة وأثره في تشكيل الوعي في الثقافة والعلوم الإنسانية
أ.م.د فارس عزيز المدرس
نحاول هنا إثارة مشكلات لها صلة وثيقة بموضوع العلوم الإنسانية؛ وبكيفية التعامل معها على وفق نسق علمي منتظم؛ يفضي إلى جدوى وفائدة. وهي على الحقيقة ملاحظات من المفيد استيعابها والأخذ بها من لدن دارس الدارسين؛ أو أي قارئ يريد استكشاف الجدوى من الدراسات والحوارات والنتاجات في مضمار العلوم الإنسانية بعامة.
تتعلق هذه الملاحظات بموضوع القراءة ودورها في العلوم الإنسانية؛ وكيف أن من الضروري الاستعانة بها لتخطي صعوبات النص ومشكلاته أو الخطاب ومكنوناته الظاهرة والباطنة.
في هذه الملاحظات ننوه بأهمية الاستعانة بنظريات القراءة لتتشكل لدى القارئ أو السامع حصانةٍ تعصمه من أن يقع فريسة للخطاب الضمني أو المعلن.
قد تسهم نظرية القراءة هذه في ربط القارئ بالنزعة الموضوعية، وتنأى به عن التعسف بحق النص وبحق الكاتب كليهما.
ومثلما يصدر الوهنُ أحيانا في الكتابة عبر الخلل في المنهج أو الموضوعية، أو عبر طبيعة الخطاب؛ فقد يصدر أحيانا أخرى عن سوء القراءة نفسها.
وبفضلِ علمِ الألسنيات والدلالة والتأويل تتشكل لدينا فرصة على التمييز بين المعنى الحرفي الملاصق لخطابٍ ما، وبين آثار المعنى المتولدة عـن قراءته أو الخطاب.
قد يفهم القراء إيحاءات وأشياء في النص لم يكن يقصدها المتكلم؛ بل لم يكن يفكر بها أصلا، أو لا يريد التصريح بها مباشرة أو يتخذ منها وسيلة للوصول لاحقا إلى مستوى الإقناع، الإقناع بعامة، بمعزل عن صلته بالحقيقة أو عدمها .