انتقام ماركس: كيف يعاد تشكيل الصراع
– عمر جاسم
كان من المفترض ان كارل ماركس قد مات ودفن مع انهيار الاتحاد السوفياتي و القفزة الكبرى للصين نحو الرأسمالية وتلاشي الشيوعية وازدهار افلام جيمس بوند.
ان مسار التاريخ الذي آمن كارل ماركس انه قائم على صراع الطبقات قد اختفى مع ظهور التجارة الحرة والعولمة و تحول العالم الكبير إلى ما يشبه القرية لتقارب الصلات بين الأجزاء المختلفة من العالم مع ازدياد سهولة انتقال الأفراد، و التفاهم المتبادل والصداقة بين “سكان الارض”.ومع ازدياد الحرية الإقتصادية وقوة العلاقات بين أصحاب المصالح الصناعية في بقاع الأرض المختلفة.و التأثير السلبي للشركات الربحية متعددة الجنسيات، أي استخدام الأساليب القانونية المعقدة لمراوغة القوانين والمقاييس المحلية لاستغلال للقوى العاملة والقدرة الخدماتية لمناطق متفاوتة في التطور مما يؤدي إلى استنزاف أحد الأطراف (الدول) في مقابل الاستفادة والربحية لهذه الشركات.لقد قدمت العولمة معلمو وادي السليكون وبنات القرية الصينيات فرصة كبيرة للثراء .
شهدت اسيا في العقود الاخيرة من القرن العشرين اشارات واضحة على تخفيف وطأة الفقر التي مرت بها على طول تاريخ البشرية ، كل ذلك بفضل الرأسمالية والاستثمار الاجنبي . ويبدو ان الرأسمالية وفت بعودهدها في تنمية اسيا وفتح افاق جديدة لها للرفاه و الاستقرار الاقتصادي.او هكذا نظن ، مع استمرار الازمة الاقتصادية العالمية وانتشار البطال المقنعة ودول العالم المثقلة بالديون . فان فكرة كارل ماركس في نقد الرأسمالية “انه نظام غير عادل بطبيعته ومحطم ” لايمكن تنفيدها بسهولة .
وها هي نظرية ماركس التي نقدت الرأسمالية وقالت بانها ستفقر الشعوب وتجمع الثروات في ايدي اشخاص معدودين تصبح اليوم واضحة للعيان ، فنحن نشهد الازمات المالية و صعود صراع الطبقات بشكل ملحوظ وتلك هي من نتائج الرأسمالية .
قال ماركس : “ان تراكم الثروات في قطب واحد هو في ذات الوقت تراكم للبؤس ، وعذاب واستعباد وجهل ووحشية ، وتدهور عقلي في القطب الاخر” .
الادلة كثيرة على ذلك ، فمن السهل جدا الاطلاع على الاحصائيات التي تشير الى ازدياد نمو الاغنياء وثرواتهم بينما تنهار الطبقى و الوسطى و الفقراء واشارت دراسة في سبتمبر الماضي من معهد السياسة الاقتصادية (EPI) في واشنطن ان متوسط الدخل السنوي للعامل بدوام كامل في الولايات المتحدة في عام 2011 كان 48.202$ وكان اقل مما هو عليه في عام 1973 ، وبين 1983 و 2010 فان 74% من المكاسب في الولايات المتحدة ذهبت الى الاغنياء في حين كان للفقراء نسبة 5% فقط وارتفع الانكماش بنسبة 60% ، ولاعجب اذا وجدنا البعض قد اعادوا قراءة الفيلسوف الالماني ، ففي الصين ، البلاد الماركسية التي ادارت ظهرها لماركس ، استلهم يو روجيون من الاحداث العالمية اوركسترا استندت الى كتاب رأس المال لماركس . يمكنك ان تجد نتائج حقيقية وصفت في الكتاب على حد تعبير احد الكتاب المسرحيين .
وهذا لا يعني ان ماركس كان صحيحا تماما ، ف “الديكتاتورية و البروليتاريا” التي قدمها لم تنجح كما اراد لها . ولكن نتيجة لهذا التفاوت المتنامي اليوم في الاقتصاد هو تماما ما تنبأ به كارل ماركس في ” عودة صراع الطبقات” .
يزداد غضب عمال العالم وتزداد مطالباتهم بنصبيهم من الاقتصاد العالمي ، وترتفع اصواتهم من ارضية الكونغرس الامريكي الى شوارع اثينا وصولا الى جنوب الصين ، ويجري تشكيل الاحداث السياسية و الاقتصادية في العالم بسبب تصاعد التوترات بين رأس المال و العمل الى درجة لم يشهدها العالم منذ قيام الثورة الشيوعية في القرن العشرين .
للحديث بقية