العراق والسلطة -اربعة انظمة ومنهج واحد- 1914-2011


عاش العراق منذ فترة الحكم العثماني فترة اضطرابات عسيرة على جميع المستويات،وشهد تحولات خطيرة ، فقد عمد العثمانيون الى ما يسمى”الحكم السائب” وهو عملية خلق الفوضى بين اوساط الشعب والادارة والحكومة،ولم تكترث الدولة العثمانية بالمتطلبات الشعبية ولم تهتم بكثير من المتطلبات البسيطة والحيوية للشعب العراقي.
وقد ادت هذه السياسة الى غضب الشعب العراقي وسخطه على الاتراك،مما ادى الى ان تكون توجهاتهم موازية للتوجهات البريطانية،فقاموا بثورتهم البسيطة مقارنة بالثورات الشعبية الاخرى في باقي البلدان،وهي ثورة 1920،وكانت ردة فعل عفوية على تلك السياسة الفوضوية التركية.
وما ان شكلت الحكومة الملكية في العراق حتى ظن الشعب العراقي انه قد وصل الى مطالبه التي كان يروم تحقيقه،ولكنه فوجئ بصدمة عنيفة،فقد كانت حكومة الملك فيصل الاول هي عبارة عن دائرة للحكومة البريطانية زرعت في العراق.وبدأ القمع الحكومي لمطالب الشعب يبدو اكثر عنفا مما كان عليه في فترة الحكم العثماني.
واستمر الحال هكذا حتى بدأ نوري السعيد يظهر رفضه لصيحات الاحزاب المعارضة،وبدأ يضرب بيد من حديد،وكانت مراسيم 1956 خير دليل على ذلك،وقبل هذا قامت تظاهرات في الكثير من انحاء العراق،لاسيما ثورة القصابين في الموصل 1952،والتي شهدت الكثير من المجازر على يد وزير الداخلية انذاك.
وما ان قامت ثورة 1958 وتم فيها القضاء على النظام الملكي واستبداده،حتى ادرك الشعب العراقي انه قد حقق فعلا مطالبه التي كان ينشدها منذ العهد العثماني،لكن الشعب العراقي فوجئ مرة اخرى بالنظام الجمهوري المستبد الذي لم يحقق أي مطلب من الدعايات التي كان يطلقها.حتى بدأ انقلاب 1963 ومن بعده 1965 ، وقيام الجمهورية الثانية،وفي هذه الفترة كان القمع البعثي للشعب العراقي وللحزب الشيوعي بالتحديد من البشاعة بمكان انه يجعل الولدان تشيب.
ومن ثم جاء النظام الاكثر بشاعة ودموية الذي بدا 1979 وجاء صدام حسين الذي مزق الهوية العراقية وجعل من الشعب العراقي شعب بلا هوية بلا انتماء،يتقاسمون الخراب،ففئة اعطت ولائها لدولة جارة،واخرى اتجهت لاقامة حكم ذاتي واقامة دولة داخل دولة،واخرى التفت حول نظام صدام.
ومنذ تلك الفترة نشط المعارضون للنظام الاستبدادي يتزايدون لاسيما بعد القمع الوحشي في حلبجة ووسط وجنوب العراق،وفترة الحرب العراقية-الايرانية،وهنا كان الشعب العراقي ينتظر وثبة المعارضين على السلطة،وانعقدت عليهم الامال في التحرير.
وفعلا فقد حصل ما كانوا يتمنون، ففي 9/4/2003 جاءنا المعارضون واضعين امامهم القوات الامريكية التي استعانوا بها لاسقاط نظام صدام”اسقاط العراق”،وكان طبيعا ومبررا ان يقول هؤلاء المعارضون “ان الحرية تبرر الاستعانة بالشيطان لاسقاط الظلم”،ولكنهم لم يعلموا انهم جاؤوا بالشيطان والظلم معا.
وتشدق هؤلاء المعارضون بالديمقراطية الجديدة والوعود الكثيرة والمتفيقهة،ورحب العراقيون بهذ التغيير.
ولكن،سقطت كل تلك الدعايات اثبت المعارضون انهم اكثر دموية من الانظمة السابقة،وان ديمقراطيتهم مزيفة،وانهم لايكترثون بالشعب،فالشعب من وجهة نظرهم مثلما كان يقول الملك فيصل الاول””عندما جئت الى العراق لم اجد شعب وانما تكتلات وتجمعات لايجمعهم جامع”.ومثلما كان يقول نوري السعيد”العراقيين يجمعهم الدرهم وتفرقه عصا شرطي. 

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s